حذر الباحث في الشأن السياسي العراقي، د. ضياء واجد، من أن فاتورة الرواتب في العراق باتت تشكل أحد أخطر التحديات الاقتصادية، بعدما بلغت في موازنة 2024 أكثر من 80 تريليون دينار، أي ما يزيد عن 60% من إجمالي الإنفاق العام، وهي نسبة تفوق المعدلات العالمية بكثير. وأوضح أن عدد الموظفين المدنيين والعسكريين يتجاوز 4.5 مليون، إضافة إلى نحو 3.6 مليون متقاعد بكلفة سنوية تبلغ 18 تريليون دينار، فيما لا يتعدى الإنفاق الاستثماري 25% من الموازنة، ويعاني الاقتصاد غير النفطي من نمو ضعيف لا يتجاوز 1.5% سنوياً.
وبيّن واجد أن تفاقم الأزمة يعود إلى الاعتماد على التوظيف كحل للبطالة وكأداة للترضية السياسية، وضعف التخطيط طويل الأمد، وسوء توزيع الموارد، إلى جانب هشاشة النظام الضريبي وتضخم الهياكل الإدارية. وأشار إلى أن هذه المشكلة تعطل مشاريع البنية التحتية، وتضعف الخدمات الأساسية، وتزيد الاعتماد على الاستيراد، ما يهدد الاحتياطي النقدي ويعمق العجز المالي عند انخفاض أسعار النفط.
واقترح الباحث حزمة حلول تشمل إعادة هيكلة القطاع العام، دمج الوزارات المتشابهة، تقليص الدرجات الخاصة، إلغاء الوظائف الوهمية، ربط الرواتب بالإنتاجية، إصلاح النظامين الضريبي والجمركي، وتوسيع القاعدة الضريبية، إضافة إلى اعتماد الحكومة الإلكترونية وأتمتة الرواتب، وإصلاح نظام التقاعد، وتحفيز القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة، ودعم السياحة والصناعات المحلية. وختم مؤكداً أن معالجة الأزمة تحتاج إرادة سياسية وبرامج إصلاح واقعية لتجنب انهيار النموذج الاقتصادي الريعي.